تنفيذ النفقات العمومية ******* |
المحور الثاني: المرحلة المحاسبية لتنفيذ
النفقات العمومية
|
الفصل الأول:مراقبة مشروعية النفقات نتعرض في هذا الفصل إلى الرقابة التي تخضع لها النفقة قبل خلاصها، وهي رقابة يقوم بها المحاسب العمومي على الإذن بالصرف كما ذكرنا، وما هذا إلا ربط وثيق بين الرقابات التي تمارس خلال مختلف مراحل تنفيذ النفقة إنطلاقا من التعهد وصولا إلى الصرف وذلك لإخلاء ذمة الخزينة من الديون المترتبة عليها بشكل تام وسليم. وفي هذه المرحلة الخطيرة، مرحلة التأدية باعتبارها تمثل آخر حلقة لتنفيذ النفقة رأى المشرع من الضروري أن توكل إلى المحاسب العمومي مهمة رقابية شاملة دعمها بمسؤولية شخصية ومالية تثار كلما لم يتفطن هذا الأخير إلى ما قد تتسم به النفقة من إخلالات تضر بمصالح الخزينة حيث جاء بالفصل 15 من مجلة المحاسبة العمومية ما يلي:" إن المحاسبين العموميين مسؤولين شخصيا وماليا عن العمليات المكلفون بإنجازها وعن القيام بالـمراقبة المناطة بعهدتهم..."، أما الفصل 136 سالف الذكر فقد أكد على أنه " يجب على المحاسب المختص أن يتأكد على مسؤوليته وقبل وضع تأشيرته على أوامر الصرف الصادرة له من..." جملة من المعطيات سنفصلها لاحقا. و غني عن الذكر بأن الرقابات التي تجرى في مستوى الصرف ليست هي تكرارا لا فائدة فيه لما تمت مراقبته في مستوى التعهد بل هي وجه آخر من أوجه التدقيق و آخر تأكد من سلامة إستخدام المال العام، بدليل ما جاء بالفصل 122 من مجلة المحاسبة العمومية. و على هذا الأساس يبدو من الضروري أن يكون المحاسب عارفا بكل تفاصيل المرحلة الإدارية لتنفيذ النفقات العمومية و أن يكون دارسا لها حتى يتمكن فعلا من أداء واجبه الرقابي على أحسن وجه. و لمعالجة مسألة رقابة مشروعية النفقة سنتناول بالدرس: الفقرة الأولى: المراقبة الأولية لتأدية النفقات. الفقرة الثانية: الرّقابة على أوامر الصرف و مؤيداتها. الفقرة الثالثة: التأكد من عدم وجود موانع للصرف.
الفقرة الأولى: المراقبة الأولية لتأدية النفقات: تتعلق هذه الرقابة الأولية أو الأساسية، التي يقوم بها المحاسب بثلاث عناصر وهي التأكد من سحب النفقات على صندوقه والتأكد من صلاحيات الآمر بالصرف ومن توفر الاعتمادات اللازمة . 1) رجوع النفقة بالنظر للمحاسب. 2) التأكد من التعيين القانوني لآمر الصرف. 3) التأكد من توفر إعتمادات مقرّرة بصفة قانونية.
1) رجوع النفقة بالنظر للمحاسب: La compétence du comptable تطبيقا لأحكام مجلة المحاسبة العمومية لا يمكن التأشير من قبل المحاسب العمومي على إذن الصرف الصادر عن آمر الصرف إلا إذا كان مسحوبا على صندوقه أي أن هذا المحاسب قد أسندت له صفة محاسب للجهة المصدرة للإذن بالصرف و أن تأدية تلك النفقة هي من اختصاصه المطلق، فالأمين العام للمصاريف لا يمكنه قبول الأذون بالصرف الصادرة عن عميد كلية العلوم بتونس باعتباره لم يعين من قبل وزير المالية للقيام بذلك. وقد يبدو عنصر تأكد المحاسب العمومي من إختصاصه أمرا شكليا إلا أنه في الواقع ضرورة من ضروريات التنظيم المحسابي والتصرف المالي السليم نظرا لتعدد آمري الصرف و المحاسبين المختصين في تأدية النفقات العمومية. و يجدر التأكيد على أنه تم تحديد إختصاص مختلف المحاسبين العموميين في مجال تأدية النفقات بكل دقة صلب مجلة المحاسبة العمومية على النحو التالي : أ- المحاسبين المكلفين بتأدية نفقات ميزانية الدولة: - أمين المال العام : Le trésorier Général إن أمين المال العام يختص وحده بتأدية مصاريف الدولة المتعهد بها والمأذون بدفعها على صناديق الخزينة Les Fonds du Trésor و ذلك حسب ما ورد بالفصلين 133 و178 من مجلة الحاسبة العمومية. _ الأمين العام للمصاريف : Le payeur Général يتولى الأمين العام للمصاريف حسب الفصلين 133 و 184 مكرر من مجلة المحاسبة العمومية ، تأدية نفقات ميزانية الدولة المتعهد بها والمأذون بدفعها من قبل : .آمري الصرف الأولين للدولة. .آمري الصرف المساعدين للدولة. غير المعتمدين لدى غيره من المحاسبين المختصين الآخرين. _ أمناء المصاريف Les payeurs départementaux لقد أحدثت في السنوات الأخيرة ،بعد تنقيح مجلة المحاسبة العمومية سنة 1996، مجموعة من أمانات المصاريف كل واحدة منها مختصة بتأدية نفقات إحدى الوزارات مثل : الفلاحة والتجهيز والصحة والتربية... فأمناء المصاريف يقومون، حسب الفصلين 133 و 184 مثلث من مجلة المحاسبة العمومية ، بدفع نفقات باب من أبواب ميزانية الدولة التي أذن بصرفها : .آمري الصرف الأولين للدولة . .آمري الصرف المساعدين للدولة غير المعتمدين لدى قبّاض المجالس الجهوية. _ قباض المجالس الجهوية Les Receveurs des conseils de Région إن جل النفقات التي يأذن بدفعها آمرو الصرف المساعدون بمختلف الجهات والمرسمة بميزانية الدولة يتولى تأديتها قابض المجلس الجهوي المختص ترابيا عملا بالفصلين 133 و 190 من مجلة المحاسبة العمومية عوضا عن القابض الجهوي سابقا(أمين المال الجهوي حاليا) مع الملاحظة أن بعض نفقات آمري الصرف المساعدين لازلت تسحب على صندوق أمين المصاريف بالوزارة التي ينتمي إليها أو الأمين العام للمصاريف حسب الحالة، مثل نفقات أجور الموظفين. ب- محاسبي الجماعات العمومية المحلية: Les comptables des collectivités يقوم قبّاض المالية بدور محاسبين للجماعات العمومية حيث أنهم يقومون بمراقبة نفقاتها المعقودة والمأمور بصرفها من طرف رؤسائها و تأديتها عملا بالفصل 262 من مجلة المحاسبة العمومية الذي جاء فيه " يقوم محاسب الدولة المكلف بمهمة محاسب للبلدية بإنجاز مقابيضها ومصاريفها. ويتولى هذا المحاسب بصفته محاسبا أول جباية كافة إيراداتها ومراقبة نفقاتها المعقودة والمأمور بصرفها من طرف رئيسها وتأديتها". هذه الجماعات كما هو معلوم هي المجالس الجهوية والبلديات، وما يجلب الانتباه هنا هو الدور الذي يقوم به قابض المجلس الجهوي حاليا والمتمثل في إختصاصه من ناحية بتأدية النفقات الراجعة لميزانية الدولة التي يأمر بها الآمرون المساعدون بالجهة ومن ناحية أخرى إختصاصه بتأدية نفقات المجلس الجهوي كجماعة عمومية محلية، حيث تبرز في مثل هذه الحالات أهمية التفريق بين أوامر صرف كل ميزانية حتى تنزل تنزيلا صحيحا. ( الوالي آمر صرف مساعد لوزير الداخلية وآمر صرف أول على ميزانية المجلس الجهوي ) أو أن يكون قابض مالية محاسبا لبلديتين متجاورتين أو أكثر مثل بلدتي المرسى وسيدي إبي سعيد وبلدتي تالة و حيدرة . ج- محاسبي المؤسسات العمومية : Les comptables des Etablissement publiques يمكن أن يكون محاسب مؤسسة عمومية ما ، إما قابض مالية أو أحد الأعوان المحاسبين ، حسب الحالات المنصوص عليها بالفصلين 187 و 239 من مجلة المحاسبة العمومية وهنا أيضا يجوز الجمع لدى قابض مالية واحد أو عون محاسب واحد بين تأدية نفقات تعود إلى ميزانيات مختلفة وهو وضع يحتم على المحاسب الإنتباه والتثبت من صحة سحب نفقات كل منها. من خلال ما تقدم ذكره في هذا العنصر الخاص بسحب النفقة على صندوق المحاسب يتأكد جود العديد من العلاقات بين آمري الصرف و المحاسبين يمكن صياغتها على
النحو المذكور بالعرض المصاحب أسفل هذا " شبكة أمري الصرف والمحاسبين "
|
2) التأكد من التعيين القانوني لآمر الصرف: La qualification de l'ordonnateur لا يمكن للمحاسب العمومي أن يقبل أمرا بالصرف إلا إذا كان صادرا عن شخص له المؤهلات القانونية أي وقعت تسميته بصفة قانونية، ووقع إعتماده لديه. ويتم ذلك من خلال إبلاغ المحاسب العمومي نسخة من الوثيقة التي عين بمقتضاها المعني " آمرا للصرف " أو الوثيقة التي تم بمقتضاها التكليف من الآمر بالصرف الأول لمن فوض له (تفويض الإمضاء ) و تفويض السلطات إلى أحد المساعدين . ويكون هذا الإبلاغ مرفوقا بأنموذج إمضاء الآمر بالصرف وذلك ليتحقق المحاسب العمومي من أن الأمر بالصرف صادر فعلا عن الشخص الذي له الصلاحيات القانونية لذلك.
3)التأكد من توفر إعتمادات مقرّرة بصفة قانونية: Disponibilité d’un crédit régulièrement ouvert. ينص الفصل 136 من مجلة المحاسبة العمومية كما ذكرنا آنفا على أن المحاسب المختص يتأكد تحت مسؤوليته قبل التأشير على أوامر الصرف من "توفر الإعتمادات اللازمة والمقررة بصفة قانونية". ويتمثل ذلك في عمليتين تهدف الأولى إلى التحقق من أن الإعتماد تم اقراره وتحديد مبلغه وفقا للقوانين السارية والثانية التحقق من أن بند الميزانية به إعتمادات بالقدر الكافي لإنجاز النفقة. أ - الرقابة على إقرار الإعتمادات: تتناول هذه الرقابة بالنسبة إلى الميزانية العامة للدولة صحة توزيع الإعتمادات التي رصدها قانون المالية لكل وزارة ولكل مؤسسة إدارية حتى لا يفوق تفصيل الإعتمادات جملة ما أقره قانون المالية و نفس الشيئي بالنسبة لميزانيات الجماعات المحلية. و يتم ذلك من خلال المطالبة بالوثائق التي تثبت إحراز الإعتمادات على المصادقة من قبل السلطة المختصة ، وتختلف هذه الوثيقة بإختلاف الميزانية المعنية كما ذكرنا سابقا. كما تشمل هذه الرقابة صحة الإعتمادات الإضافية أو المحولة من فقرة إلى أخرى وفي حالة تفويض الإعتمادات أو إحالتها، ويتم كل ذلك من خلال فحص القرارات المتعلقة بكل حالة. فإذا تفطن المحاسب العمومي إلى أي خلل من الإخلالات فعليه أن يرفض التأشير على النفقة إلى حين إجراء التصحيحات اللازمة. وهذه الصلاحية لا يختص بها المحاسب العمومي وحده إذ أن مراقب المصاريف كما رأينا آنفا يتثبت ، قبل التأشير على مقترح التعهد ، من صحة رصد الإعتمادات باعتباره يصهر على تطبيق الأحكام القانونية ذات الصبغة المالية وباعتباره يتابع عمليات تحويل الإعتمادات من بند إلى بند ومن ميزانية إلى أخرى وكذلك تفويضها ويبدي رأيه فيها.
ب – مراقبة توفر الإعتمادات: إن هذه الرقابة لها أهمية كبرى باعتبارها تحقق إحترام الترخيصات الواردة بالميزانية إذ أن المحاسب لا يمكنه أن يؤشر على أمر بالصرف منزل على بند من بنود الميزانية ليست به متوفرات إعتمادية تسمح بتغطية المبلغ الذي سيصرف إلى مستحقه. الفقرة الثانية: الرّقابة على أوامر الصرف و مؤيداتها: تعد هذه الرقابة رقابة شاملة و تتعلق بكل أمر بالصرف و مؤيداته على حدة وهي تخص: 1) التأكد من وجود تأشيرة مراقب المصاريف العمومية. 2) مراقبة تنزيل النفقة وصحة إدراجها. 3) التأكد من ثبوت العمل المنجز ومن صحة حسابات التصفية. 4) مراقبة صيغة أوامر الصرف و مؤيدات النفقة. 5) مراقبة الصبغة الإبرائية للنفقة.
1) التأكد من وجود تأشيرة مراقب المصاريف العمومية : تعدّ تأشيرة مراقب المصاريف على النفقة من الشروط الأساسية التي تكتمل بها شرعيتها و يشكل غيابها إخلالا مانعا منعا باتا لصرفها[1]. لذا على المحاسب العمومي أن يتثبت، عند تسلمه أوامر الصرف، من إرفاقها بطلبات التعهد مؤشر عليها من قبل مراقب المصاريف العمومية أو الرجوع إلى هذه الوثيقة في حال إرفاقها بأمر صرف سابق وذلك إعتمادا على رقمها المدون بالأمر بالصرف الجديد. هذا يعني أن المحاسب مطالب بالتأكد من أن النفقة حظيت بموافقة جهاز مراقبة المصاريف العمومية، وفي صورة الإخلال بذلك الواجب على المحاسب عدم قبولها. ويتعين على المحاسب العمومي، في صورة إسناد تأشيرة المراقب مشفوعة بشرط من الشروط ، التأكد من أن الشرط المطلوب تمت الاستجابة له و أن النقص تم استكماله. أما إذا كانت النفقة مرفوضة من قبل مراقبة المصاريف فإنه لا مجال للمحاسب العمومي للتأشير على الأمر بالصرف وينبغي عليه رفضه إلا في صورة الإدلاء بقرار من الوزير الأول يخول تجاوز ذلك الرفض. 2) مراقبة تنزيل النفقة وصحة إدراجها: يجب على المحاسب العمومي مراقبة مدى صحة تنزيل النفقة ، وذلك سهرا على إحترام مبدأ خصوصية الإعتماد في مستوى بنود الميزانية بحيث يجب أن يقابل موضعها نوع الإعتماد المخصص ، ويتم ذلك بمقارنة موضوع النفقة (كنفقات الكهرباء والغاز) بالمخصصات الواردة بالميزانية لمثل هذه النفقات فإن حصل التطابق كان تنزيل النفقة شرعيا. يقوم المحاسب بذلك بالرغم من أن هذه العملية قد قام بها من قبل مراقب المصاريف العمومية ، وقد يحصل من جراء هذه الرقابة تناقض بين موقف مراقب المصاريف وبين موقف المحاسب العمومي يفسر عامة بعدم كفاية المعلومات في مستوى التعهد واكتمالها إبان إصدار الإذن بالصرف الذي ترفق به كافة الوثائق فيتبين منها الموضوع الحقيقي مما يظهر سوء التنزيل (نفقات مشروع تدرج على إعتمادات مشروع آخر) ويفسر هذا التصرف عامة بنفاذ الإعتمادات أو عدم كفايتها لتغطية نفقة ما بحيث يلجأ المتصرف إلى بند آخر به متوفرات كافية (كتأجير عملة على الإعتمادات المخصصة لبعض المشاريع بالعنوان الثاني للميزانية). 3) التأكد من ثبوت العمل المنجز ومن صحة حسابات التصفية: أ- رقابة العمل المنجز: يجب على المحاسب العمومي أن يتأكد من أن موضوع النفقة قد تم انجازه وفقا لما هو متفق عليه أي وقع استلام المواد و شهد بسلامتها أو تم الانتفاع بالخدمات أو قبول الأشغال ويعتمد المحاسب العمومي في ذلك على الوثائق المقدمة إليه والتي تحمل شهادة "الموظف المختص" بإنجاز العمل انجازا مطابقا لما اتفق عليه عند التعهد، أشغالا كان أو تزويدا بمواد أو القيام بدراسات أو غيره من الخدمات. و يتجسم ذلك من خلال التأكد من وجود ختم Cachet يحرر بأساليب مختلفة بإختلاف نوع الخدمة المقدمة للإدارة مثلا : " يشهد آمر الصرف الممضي أسفله بأن البضاعة أو الخدمات أو الأشغال المدرجة بالقائمة قد وقع تسلّمها كاملة و سليمة " أو "« L’ordonnateur soussigné certifie que l’objet de la présente pièce de dépense a été effectué et reçue comme bon et valable. » يعتمد المحاسب كذلك لمراقبة حسن إنجاز العمل التأكد من إرفاق أذون الصرف بمحاضر الإستلام أو القبول المشار إليها سابقا التي تحررها لجان القبول بالمصالح الإدارية. هذا إضافة إلى وجوب التأكد من التنصيص على مراجع تضمين المنقولات من أثاث وتجهيزات و معدات، بالسجل الخاص بحصر المكاسب Registre d’inventaire. و على هذا الأساس تعتبر مراقبة المحاسب العمومي لحسن الإنجاز رقابة مستنديه باعتبار أنه غير مخول له التنقل على عين المكان، وليس له أن يدقق ماديا بمقر الإدارة المعنية في ثبوت العمل المنجز، و الوقوف على صحة ما شهد به المسؤولون في الإدارة لكن مقابل هذا فإن آمر الصرف يتحمل كل المسؤولية في خصوص صحة الشهادات بالإستلام ومطابقتها للواقع . مع التأكيد طبعا على أن للمحاسب الحق في إرجاع أمر الصرف والوثائق في صورة عدم إحترام هذا الاجراء المتعلق بوضع شهادات الإستلام.
ب-التأكد من صحة حسابات التصفية : تلي الرقابة على ثبوت إنجاز العمل رقـابة تصفية النفقة من الوجهة الحسابية باعتبار حجم العمل المنجز أو مدته أو نوعيتها أو غيرها من المعطيات التي تنعكس على مقدار المبلغ المأذون بصرفه مثلما يتبين ذلك من الوثائق المدلى بــها رفقة الأمر بالصرف. إن عملية التصفية هذه، كما ذكرنا سالفا، تهدف إلى ضبط المقدار النهائي لنفقة ما تمت مسبقا المصادقة على عقدها، بالتالي على المحاسب في هذه المرحلة من الرقابة، أن يعيد مراجعة جميع مراحلها عسى أن يوجد خطأ ما يجعل مبلغ النفقة مخالفا لحقيقة العمل المنجز رغم أن آمر الصرف قد تثبت هو بدوره من هذا المبلغ وحدده بلسان القلم. لا ينتهي دور المحاسب عند هذا الحد في مجال مراقبة حسابات التصفية بل يتعداه إلى التأكد من إنجاز الخصم من المورد Les retenus à la source الوجوبي حسب النصوص المنظمة لهذه المادة وخاصة الفصل 52 من مجلة الضريبة على الدخل بالنسبة لأداءات الدولة والخصم لفائدة الصندوق الوطني للتقاعد والحيطــة الإجتماعية[2] والتأكد من الإذن بصرف المبالغ المخصومة لفائدة الجهات المستفيدة. و في هذا المجال نذكّر بـ : . الخصم من الأجور والمرتبات . الخصم من الأتعاب ومعينات الكراء... . الخصم من منح الحضور في نطاق تمثيل الدولة في مجالس إدارة المؤسسات التي تساهم الدولة في رأس مالها. . الخصم بـنسبة :% 1,5 كتسبقة على الأداء على الدخل و 50%كتسبقة بعنــــوان الاداء علـى القيمـــة المضافة[3]. 1) مراقبة صيغة أوامر الصرف و مؤيدات النفقة: على المحاسب مراجعة كل المعطيات على اختلافها التي يحتويها أمر الصرف و لا يستثني من ذلك شيئا حتى لا يؤثر أي خطأ محتمل على نتائج حسابية المصاريف، ويتأكد بالخصوص من تطابقها مع وثائق الإثبات المرفقة به . أما بالنسبة لوثائق الإثبات فان وجودها في حد ذاته لا يكفي بل لابد للمحاسب أن يتثبت من توفر الشروط اللازمة التي تضفي عليها الصبغة القانونية (الإمضاءات،صحة الأرقام، شهادة الإنجاز، تطابق المبلغ المحدد بلسان القلم و المبلغ المحدد بالأرقام ...). مع التذكير هنا بوجوب التقيد من طرف المحاسب عند مراقبة الوثائق بما جاء بالتعليمات العامة عدد2 الصادرة بتاريخ 5 نوفمبر 1996 المشار إليها سابقا التي حدّدت قائمة الوثائق الضرورية لإثبات المصاريف العمومية مبوبة حسب طبيعة كل منها . و لا بد من التأكيد في هذا المجال كذلك على أن الأمر بالصرف الخالي من وثائق الإثبات يكون عرضة للرفض من قبل المحاسب وكذلك الأمر بالصرف الذي تنقصه بعض الوثائق أو أن تكون الوثائق غير ملائمة لموضوع النفقة أو أن تكون نسخ غير أصلية مثل الفواتير و ذلك عملا بالفصلين 122 و 136 م م ع. وفي هذا الصدد نؤكد على بعض الشروط التي يجب أن تتوفر في وثائق الإثبات الأكثر تداولا: أ- الإثبات بواسطة الفواتير: يجب اعتماد فواتير لإثبات النفقات تتوفر فيها التنصيصات الوجوبية التالية والواردة بالفصل 25 من قانون المنافسة و الأسعار: § الرقم التسلسلي . § أسماء الأطراف وعناوينهم . § المعرف الجبائي . § التاريخ . § التسمية الدقيقة للمنتوج . § سعر الوحدة بدون إحتساب الأداء على القيمة المضافة و كذلك نسب و مبالغ هذا الأداء. § عند الإقتضاء التخفيضات الممنوحة . ب- إثبات النفقات المنجزة في إطار الصفقات العمومية: يجب على المحاسب أن يتأكد من وجود كافة الوثائق المثبتة لنفقات الصفقات بحكم تعددها حيث تصل إلى تسعة عشرة وثيقة أو أكثر أحيانا و أن يراقب خاصة خلاص معاليم تسجيل الوثائق المكونة لعقد الصفقة كاملة[4] وهي تشمل : v الإلتزام . v جدول الأسعار و التفصيل التقديري . v كراس الشروط الإدارية الخاصة . v كراس الشروط الفنية الخاصة . v ملف إنجاز الصفقة ) أمثلة فنية و خرائط ...) عند الإقتضاء كل هذه الوثائق يجب تقديمها مجمعة و أصلية هذا زيادة على تسجيل وثيقة الضمان النهائي إن كان بنكيا . يجب المطالبة كذلك بالوثائق المتعلقة بآخر أمر بالصرف التي نذكر منها خاصة : - كشف مقارن لتفاصيل النفقات المقدرة والنفقات الحقيقية . - نسخ من كشوفات الحسابات المؤقتة . - جميع أذون المصلحة . - محضر الإستلام الوقتي . - محضر الإستلام النهائي عند الإقتضاء. - مذكرة إحتساب آجال التنفيذ . - شهادة في تطبيق أو عدم تطبيق خطايا التأخير . - إذن بإرجاع خطايا التأخير عند الإقتضاء. و لمزيد التوضيح نؤكد على أن المقصود بأمر الصرف الأخير هو ذلك المتعلق بآخر مبلغ سيتم صرفه للمستفيد في حدود: - 90 %من قيمة الصفقة إذا نصت كراس الشروط على وجوب الحجز بعنوان الضمان. - 100% من قيمة الصفقة في حالة تقديم وثيقة الضمان الشخصي للحجز بعنوان الضمان عوضا عن الحجز بعنوان الضمان (ضمان بنكي). - 100% من قيمة الصفقة في حالة عدم التنصيص عن الحجز بعنوان الضمان بكراس الشروط . بمعنى أن تقديم كل الوثائق يتم في هذه المرحلة و يتم خصم خطايا التأخير إن وجدت في هذه المرحلة كذلك و لا ينتظر ذلك إلى الإذن بالصرف الذي يحتوي على 10% بعنوان إرجاع الضمان المحجوز و الذي يتم إصداره بعد عرض ملف الختم النهائي على لجنة الصفقات المختصة. 2) مراقبة الصبغة الإبرائية للنفقة: ينص الفصل 41 من مجلة المحاسبة العمومية على أنه "لا تصرف النفقات إلا لمستحقيها..." وذلك بهدف إبراء ذمة الهيئات العمومية إبراء تاما و نهائيا. ويتعين على المحاسب العمومي التأكد من أن الأمر بالصرف محرر باسم صاحب الدين أو باسم من أهل للقيام مكانه( كالتوكيل...). وفي الحقيقة فإن الإبراء يكتمل بتسديد المبلغ إلى صاحبه أو إلى من يقوم مقامه. الفقرة الثالثة: التأكد من عدم وجود موانع للصرف: بعد الفراغ من أعمال الرقابة المذكورة سابقا لا بد أن يتجه المحاسب إلى ناحية أخرى تهم التثبت من عدم وجود عوائق يمكن أن تمنع تأدية النفقة أو تأجيلها وهي موانع تهم سقوط الدين بمرور الزمن أو وجود إعتراضات من طرف الغير على دفع تلك النفقة إلى صاحبها أو أن تكون الاموال المتوفرة لا تكفي لأداء النفقة. 1) تطبيق قاعدة سقوط الحق بالتقادم . 2) تدخل الغير للتأثير على مسار النفقة. 3) التأكد من توفر المقابيض الكافية لتسديد النفقات.
1) تطبيق قاعدة سقوط الحق بالتقادم : أ- مبدأ سقوط الحق بالتقادم : يعود سقوط الحق في المطالبة بالديون المحمولة على كاهل الخزينة إلى المبدأ القانوني القائل بعدم أبدية الحقوق والإلتزامات . يعني هذا أنه لا يحق للمستحقين مطالبة الإدارة المدينة بدفع ما عليها لفائدتهم بعد إنقضاء الأجل القانوني، بحيث أن مرور الزمن يسقط تماما الدعوى ويجعل الإدارة خالصة الذمة . إن أجل سقوط الحق في خصوص الديون العمومية أقصر من الأجل المعمول به في القانون المدني المحدد بخمسة عشر سنة حيث أن مجلة المحاسبة العمومية في فصلها 46 حددت أجل السقوط كما يلي : - أربع سنوات بالنسبة للمستحقين المقيمين بالتراب التونسي. - خمس سنوات بالنسبة للمستحقين المقيمين بالخارج . تسري مدة التقادم بداية من اليوم الأول للسنة الموالية لتلك التي بعث فيها الدين. فلو قدم دائن مقيم بالتراب التونسي وثيقة تثبت دينا لفائدته محمول على الخزينة، مؤرخة في 15 مارس 2002، فإن إحتساب مدة التقادم يكون كما يلي : لا تحسب المدة الباقية من سنة 2002 وننطلق من 1 جانفي 2003 ونعد أربعة سنوات: 2003 - 2004 - 2005 - 2006 إلى حدود يوم 31 ديسمبر، بالتالي لا يمكن المطالبة بهذا الدين إنطلاقا من يوم 1 جانفي 2007. إن التمسك بهذا الحق لفائدة الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية يعد إجباريا ولا يجوز للسلط الإدارية التنازل عنه لفائدة صاحب الدين وهو إلزام نص عليه الفصل 50 من مجلة المحاسبة العمومية. على أنه في بعض الحالات الخاصة يجوز التنازل عن حق سقوط الدين بمرور الزمن الذي إكتسبته الدولة أو المؤسسات العمومية بمقتضى قرار يصدره وزير المالية، أما إذا كان الدين محمولا على ميزانية جماعة محلية يصدر قرار وزير المالية بعد موافقة مجلس الجماعة وسلطة الإشراف. إن هذا التنازل يكسب الدائن دينا جديدا يسقط هو الآخر بعد مرور نفس المدة الاولى أي أربعة أو خمسة سنوات حسب الحالة. زيادة على رفع التقادم من طرف وزير المالية كما تم بيانه يمكن كذلك أن يقطع التقادم أو يعلق بفعل بعض الأعمال أو بعض الظروف.
ب- قطع مدة التقادم (الفصل 47 م م ع) : تقطع مدة التقادم في حالات أربعة : * إذا قدم صاحب الدين مطلبا للإدارة في دفع دينه أو عرض عليها شكاية تهم هذا الدين ، على أن يتسلم من رئيس الادارة المعنية شهادة في تاريخ تقديم مطلبه أو شكايته. * إذا رفع صاحب الدين أو طرف معني دعوى لدى المحاكم العدلية على شرط أن تكون الدعوى تخص مصدر الدين أو وجوده أو مقداره أو تأديته. * إذا صدر عن الإدارة مكاتبة تخص هذا الدين . * إذا تم تسديد جزء من الدين . كل هذه الأسباب تقطع مدة التقادم قطعا تاما بحيث تفسخ المدة المنقضية فسخا كاملا وتجري مدة جديدة بداية من غرة جانفي للسنة الموالية لتلك التي وقع فيها قطع مدة التقادم، ما عدى حالة رفع الدعوى لدى العدالة التي تجري فيها المدة الجديدة من غرة جانفي للسنة الموالية لتلك التي أصبح فيها الحكم نهائيا. ج- تعليق مدة التقادم: (الفصلين 48 و 49 م م ع) : تعلق مدة التقادم في حالات ثلاثة : * إذا كان صاحب الدين أو من ينوبه في حالة قانونية أو مادية تجعل المطالبة بحقه مستحيلة. . القاصر لا يمكنه القيام بما يلزم للمطالبة بما هو راجع إليه سواء مباشرة أوعن طريق ممثله القانوني في صورة عدم تعيينه. . يستحيل على صاحب الدين المطالبة بحقه عندما يكون في وضع مادي لا يسمح له بالقيام بأي إجراء بسبب المرض أو القوة القاهرة مثل الحرب والاضطرابات والفيضانات ... * إذا كان صاحب الدين جاهلا بوجود دينه، دون أن يكون ذلك ناتجا عن سوء نية. وذلك بإثبات هذا الجهل مثل عدم إعلام موظف ملحق بإدارة أخرى بترقيته في رتبته بحيث لم يتمكن من المطالبة بمستحقاته الناتجة عن هذا القرار. *إذا قدم إعتراض على دفع الدين من طرف دائن لصاحب الحق وبلغ هذا الاعتراض للمحاسب، وهذا إجراء يرمي إلى صيانة حقوق الغير. إن آثار تعليق التقادم تختلف عن آثار القطع التي رأينا أنها تفسخ الزمن المنقضي، فمفعول التعليق يتمثل في عرقلة سير مدة التقادم التي تستأنف مجراها عندما يزول السبب المعلق لها، فالمدة المنقضية قبل التعليق تدخل في حساب مدة التقادم ، وبذلك يكون التعليق ممددا وليس مجددا لمدة التقادم. لقد أوجب الفصل 136 من مجلة المحاسبة العمومية على المحاسب العمومي المختص أن يتأكد وعلى مسؤوليته الخاصة من تطبيق قواعد التقادم من طرف آمر الصرف، هذا يعني أنه إذا لم يتمسك المسؤول عن الإدارة المعنية بحق سقوط الدين، وأن مدة التقادم لم تجدد بفعل القطع ولم تمدد بفعل التعليق، فإن المحاسب مطالب وجوبا برفض تأدية تلك النفقة و إلا عٌمرت ذمته المالية بمبلغهاٌ. مع الاشارة إلى أن التقادم الرباعي أو الخماسي يطبق على كافة ديون الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية مهما كان نوع تلك الديون سواءا كانت تخص إعتمادات الميزانية أو تصرف من العمليات الخارجة عن الميزانية مثل بقايا أذون الدفع القابلة للخلاص Les restes à payer en Numéraire (les bons de caisse). 2) تدخل الغير للتأثير على مسار النفقة : عندما يصل المحاسب إلى هذه المرحلة يكون قد فرغ من مراجعة نتائج أعمال آمر الصرف واتجه إلى ناحية أخرى يمكن أن تعيق أداء النفقة إلى مستحقها وذلك نتيجة لتدخل الغير الذين لهم حق الرجوع على تلك النفقة، ويأخذ هذا التدخل أشكالا مختلفة إما أن يكون بواسطة عقلة توقيفية أو إحالة أو أن يكون بواسطة إعتراض إداري. ويمكن أن يكون تدخل الغير ليس مانعا لدفع المال إلى مستحقه بل مقيدا له مثل رهن الصفقات أ- العقل التوقيفية والإحالات : - الإحالة Cession : تكون بموجب وثيقة تثبت إتفاق صاحب الدين والغير على إحالة الأموال إلى هذا الغير وعدم دفعها لصاحبها. - العقلة التوقيفية Saisie Arret : هي وسيلة تنفيذ لأحكام قاضية بدفع أموال لفائدة الغير وذلك عند عدم التوصل لاتفاق بالتراضي. وقد نظمت هذه المادة مجلة المرافعات المدنية والتجارية التي ميزت بين عقلة الاجور وإحالتها وعقلة الأموال الأخرى وإحالتها، وقد رسخت مجلة المحاسبة العمومية نفس هذه المبادئ مع إظفاء خصوصيات المحاسبة العمومية عليها. * عقلة الأجور وإحالتها : إن مرتبات وأجور الموظفين والأعوان الإداريين من مدنيين وعسكـــريين تنطبق عليها الأحكام المتعلقة بهذه المادة وذلك بموجب الفصـــل 356 م م م ت - إحالة الأجور: تتم بمقتضى تصريح يقوم به المحيل بنفسه لدى كــاتب محكمة الناحية الذي يسلم له وصلا في ذلكّ، على أن إعلاما بذلك التصريح يوجـــه خــلال 48 ساعة من طرف كاتب المحكمة إلى المؤجر أو إلى المكلــف بالدفع (المحاسب العمومي ). في هذه الحالة يتولى المحاسب خصم القسط المتفق عليه مباشرة من الأجر بناء على الإعلام المذكور أعلاه دون سواه وذلك بعد مراعاة أحكام الفصل 354 من نفس المجلة في خصوص نسب الحجز. ثم يتولى صرف المبالغ المخصومة مباشرة إلى الطرف المحال له بعد خصم نسبة 3% لفائدة ميزانية الدولة بعنوان مصاريف إدارة و تصرف عملا بالفقرة الثالثة من الفصل 45 م م ع وذلك بالنسبة للحالات المنصوص عليها بقرار وزير المالية المؤرخ 18 مارس 1998[5]. هذا مع العلم أنه إذا عطلت الإحالة بفعل عقلة أو عدة عقل توقيفية سابقة فإن المبالغ المخصومة لا تسلم مباشرة للمحال له كيفما ذكر آنفا بل تدفع لصندوق الودائع والأمانات بالخزينة العامة للبلاد التونسية. - عقلة الأجور: تتم بمقتضى إذن صادر عن حاكم الناحية بعد قيامه بمحاولة صلحية بين الموظف وصاحب الدين. ويقع إعلام المحاسب بصدور قرار العقلة من قبل كاتب المحكمة في ظرف 48 ساعة فيقوم هذا الإعلام مقام العقلة. في هذه الحالة كذلك يتولى المحاسب خصم المبلغ الوارد بالعقلة على أقساط مراعات للفصل 354 المذكور لكن لا تدفع الأقساط المخصومة مباشرة للطرف العاقل بل تدفع وجوبا إلى صندوق الودائع والأمانات بالخزينة العامة التي تتولى تعريف المحكمة بوقوع الدفع. * عقلة الأموال الأخرى وإحالتها : لقد أجازت مجلة المرافعات المدنية والتجارية إجراء عقل توقيفية علـى الأموال الراجعة إلى دائني الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات المحلية ، وأجازت كذلك إحالتها ، على أن تقع العقلة أو الإحالة بين يدي المحاسب العمومي المختص بتأدية تلك النفقات دون غيره ، وقد أورد الفصل 348 م م م ت ذلك صراحة وأكده الفصل 43 من مجلة المحاسبة العمومية . وتتم العقلة التوقيفية أو الاعلام بالإحالة وجوبا بواسطة عدل منفذ الذي يحرر محضرا في الغرض. على المحاسب في حالة العقلة التوقيفية أن يتثبت من وجود ديون سيصرفها من الميزانية أو الميزانيات المكلف بتأدية نفقاتها ويتولى تجميدها إن وجدت ويمتنع عن أدائها لصاحبها وذلك في حدود المبلغ الذي أجريت عليه العقلة.[6] لكن دون أن يسلمها إلى الطرف القائم بالعقلة إلا بعد صدور حكم بتصحيح تلك العقلة يبلغ له عن طريق عدل منفذ. لهذا الغرض يقع إدخال المحاسب في القضية بإعتباره معقولا تحت يده، فيتم إستدعائه للحضور بالجلسة. عندها يجب عليه في أجل أقصاه يوم الجلسة تقديــم تصريح كتابي إما إلى كتابة المحكمة المتعهدة مقابل وصل وإما بالجلسة نفسها، ويعد هذا التصريح إجباريا سواء كان إيجابيا أو سلبيا وإلا أعتبر المحاسب مدينا للقائـم بالعقلة، وقد أوجب الفصل 341 م م م ت الحكم عليه بأن يؤدي تلك الديون من مالــه الخاص. هذا مع العلم أنه يمكن الإستغناء عن إدخال المحاسب العمومي في قضية تصحيح العقلة إذا ما سلم للدائن العاقل بناء على طلبه شهادة تقوم مقام التصريح وذلك بناء على ما ورد بالفصل 340 من مجلة المرافعات المدنية و التجارية. بالنسبة للإعلام بالإحالة، فإن الأمر أيسر على المحاسب بالمقارنة مع العقلة التوقيفية، نظرا لمعرفة النفقة مسبقا ونظرا لرضاء صاحبها بإحالتها لفائدة دائــنه، وبالتالي لم يبقى للمحاسب إلا القيام بعملية التحويل للمستحق الجديد. بقي أن نشير في هذا الصدد إلى أن العقل التوقيفية والإعلامات بالاحالة لا يكون لها مفعول إلا مدة خمسة أعوام إبتداءا من تاريخها إذا لم يقع تجديدها أثناء هذه المدة عملا بأحكام الفصل 349 من م م م ت، لذا يشطب عليها وجوبا من الدفاتر التي تكون مدونة بها. ب- الإعتراضات الإدارية : يدخل المحاسب العمومي المكلف بتأدية النفقات العمومية تحت طائلة أحكام الفصلين 30 و 31 مجلة المحاسبة العمومية، المنظمين للإعتراضات الإدارية التي يجريها المحاسبون العموميون الآخرون بهدف استخلاص الديون العمومية المثقلة، لذا عليه الامتناع عن صرف الأموال الراجعة لأحد مدينيي الخزينة والتي يكون قد تلقى في شأنها إعتراضا إداريا محررا من طرف المحاسب العمومي المكلف بإستخلاص الدين لفائدة الخزينة. و يختلف الوضع هنا عن العقل التوقيفية التي يقوم بها الخواص حيث أن الأمر لا يستدعي نشر قضية في تصحيح العقلة لأن الاعتراض الاداري ينتج آثارا مماثلة لتلك التي ينتجها حكم حائز على قوة الشيئ المحكوم فيه قاض بصحة عقلة توقيفية. لذا على المحاسب المكلف بالصرف أن يؤدي تلك الأموال لزميله مباشرة و دون انتظار في حدود المبالغ الموجودة لديه، إلا في حالة تزامن و تزاحم الإعتراض الإداري مع عقل توقيفية أو إعتراضات أجريت من طرف دائنين آخرين تمسكوا بأن ديونهم مفضلة على الدين العمومي وكانت الأموال موضوع العقلة أو الإعتراض غير كافية لخلاص كافة الديون حيث يجب على المحاسب تأمين تلك المبالغ التي هي بحوزته لدى صندوق الودائع و الأمانات و ذلك ما لم يحصل إتفاق بين المحاسب العمومي المعترض وبقية الدائنين على توزيعها بالتراضي، ثم يقوم بإعلام كل هؤلاء الدائنين بتأمين المبلغ بواسطة رسالة مضمونة الوصول مع الإعلام بالبلوغ .
ج- رهن الصفقات : خلافا للعقل التوقيفية والاحالات والاعتراضات الادارية لا يمنع رهن الصفقات دفع المال الراجع بعنوانها إلى صاحبها بل يحدد طريقة دفعها فقط وذلك بإلــزام المحاسب بالتقيد بتحويل المبالغ المضمنة بأذون الصرف بالحساب الجاري المفتـوح لدى البنك المرهون لفائدته. يبلغ وجوبا إلى المحاسب عقد الرهن ونظير من عقد الصفقة بواسطة عدل منفذ. إن كانت الصفقة خالية من إعتراضات أو عقل أخرى يسلم المحاسب إلى العدل المنفذ شهادة في عدم الاعتراض. يحرص المحاسب في حالة قبول محضر الرّهن على التقيد بتحويل الأموال إلى الحساب المذكور عند دفع كل الأقساط بعنوان تلك الصفقة حتى وإن وضع رقم حساب آخر على الأذن بالتحويل. حتى يقوم المحاسب بدوره على أحسن وجه قصد التصرف تصرفا سليما في خصوص الاستجابة للعقل والاعتراضات والاحالات والرهون. عليه أن يمسك دفترا أو دفاتر إن إقتضى الأمر ذلك يسجل بها كل المحاضر الواردة عليه وكل الأطوار التي تمر بها و عليه الإجابة على كل محاضر العقل التوقيفية في الوقت المحدد وبالشكل المطلوب وللجهة المعنية. مع الملاحظ أنه تبرأ نهائيا ذمة الخزينة كلما قام المحاسب العمومي بإيداع المبالغ التي تخصم من الأجور والمرتبات أو غيرها من النفقات التي يوقف خلاصها لديه عن طريق العقلة أو الإحالة أو الاعتراض والتي يتم العمل بها وفقا للإجراءات القانونية المذكورة أعلاه ، لأن عملية الإيداع هذه تعتبر بمثابة تسليم المال مباشرة إلى صاحبه الذي يبقى له الحق في أن يطلب من المحاسب مده بنسخ أو قائمة في الإعتراضات أو الإعلامات المذكورة و ذلك على أساس ما ورد بالفصل 44 من مجلة المحاسبة العمومية. 3) التأكد من توفر المقابيض الكافية لتسديد النفقات: على محاسبي الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية مراقبة توفر المقابيض التي تسمح بتغطية النفقات المعروضة عليهم قصد تأديتها وهو أمر غير مطروح لدى المحاسبون المكلفون بتأدية نفقات ميزانية الدولة لأن عنصر توفير السيولة من مشهولات الخزينة العامة باعتبار أمين المال العام هو المحاسب المركزي لميزانية الدولة.
أ- حالة توفر الاموال : إن كانت المقابيض تفوق بشكل كاف المصاريف المنجزة، يواصل المحاسب تأدية ما يقدم إليه من أذون صرف بطريقة طبيعية وبدون عناء. أما إذا كان الفارق الايجابي بين المقابيض والمصاريف ضعيفا لا يكفي لتأدية كل أذون الصرف المسلمة له، على المحاسب هنا أن يقدم المصاريف الوجوبية والمتأكدة على غيرها مثل صرف الأجور وبالتالي تأجيل خلاص النفقات الأخرى، إلى حين توفر مقابيض جديدة تسمح بصرف كل الأذون. ب- حالة عدم توفر الأموال : لقد أوجب الفصلان 248 و 272 من مجلة المحاسبة العمومية على محاسبي المؤسسات العمومية والجماعات المحلية الامتناع عن تأدية نفقات هذه الهيئات إذا لم تتوفر لديها الأموال اللازمة، ويتحمل المحاسب بالتالي مسؤولية الإخلال بهذا الواجب الذي يؤدي إلى حصول عجز يصعب إصلاح نتائجه خاصة عند التفطن إليه بعد توقيف الحسابات السنوية. إلا أنه يجوز في بعض الحالات وخاصة فيما يتعلق بصرف المرتبات والأجور منح تسبقات من خارج الميزانية أو من الخزينة قصد مجابهة هذه المصاريف بعد الحصول على ترخيص مسبق من وزير المالية أو من فوض له وزير المالية في ذلك.
|
[1] مذكرة عامة محاسبة عمومية عدد 23 مؤرخة في 13 مارس 1997 حول بعض الإخلالات في تأدية النفقات العمومية.
[2] مذكرة عامة محاسبة عمومية عدد 64 مؤرخة في 14 جويلية 1998 حول الإخصام من المرتبات والأجور لفائدة الصندوق القومي للتقاعد والحيطة الإجتماعية.
[3] - تعليمات عامة عدد 02 لسنة 1998 مؤرخة في 21/01/1998 حول إحداث خصم من المورد بعنوان الأداء على القيمة المضافة والضريبة على الدخل والضريبة على الشركات المستوجبة على الصفقات
- مذكرة عامة أداءات عدد 10/98 حول تفسير طرق إحتساب الخصم من المورد بعنوان الأداء على القيمة المضافة عند دفع مبالغ الصفقات.
- مذكرة عامة أداءات عدد 15/2004 حول شرح احكام الفصلين 72 و73 من القانون عدد 80 لسنة 2003 المؤرخ في 29 ديسمبر 2003 بقانون المالية لسنة 2004 حول توسيع مجال الخصم من المورد بنسبة 50 % بعنوان الاداء على القيمة المضافة المطبق من قبل الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية.
- مذكرة عامة أداءات عدد 19/2004 حول سحب الخصم من المورد بنسبة 1,5%على كل اقتناءات الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات والمنشآت العمومية من مواد وخدمات التي يساوي او يفوق مبلغها الخام 1000 دينار.
[4] مذكرة عامة محاسبة عمومية عدد 85 مؤرخة في 30-10-1996 حول تسجيل الصفقات العمومية.
[5] تراجع كذلك المذكرة العامة عدد 53 مؤرخة في 16 ماي 1998 حول طبيعة العقل التوقيفية والإحالات الخاضعة للخصم بنسبة 3% بعنوان مصاريف إدارة وتصرف.
[6] مذكرة عامة محاسبة عمومية عدد 50 مؤرخة في 16 ماي 1997 حول تنفيذ إيقافات الدفع على مبالغ أوامر الصرف.