التصرّف المالي و المحاسبي
للجماعات المحلية
|
المحور الثالث : تنفيذ نفقات الجماعة المحلية |
الفصل الأول: المرحلة الإدارية لتنفيذ نفقات الجماعة المحلية |
يتولى آمر الصرف بالجماعة المحلية القيام بعمليات ثلاثة متواترة: عقد النفقة ثم تصفيتها وأخيرا الأمر بصرفها :
الفقرة الأولى: عقد نفقات الجماعة المحلية و دور مراقب المصاريف العمومية Engagement des Dépenses إن عقد النفقة ينتج عن عمل أو حدث يترتب عليه تحمل الميزانية لنفقة عمومية، فهو ينحدر من علاقة قانونية تنشأ بين الجماعة المحلية و دائنيها خاصيتها بعث نفقة على كاهلها . يمكن أن يكون عقد النفقة ناتجا عن قرار إرادي مثل تسمية موظف أو إبرام صفقة أو أن يكون خارجا عن إرادة آمر الصرف مثل صدور حكم بتغريم الجماعة المحلية. ويتم التعبير عن النية في عقد النفقة صلب مطلب يوجه إلى مصلحة مراقبة المصاريف العمومية من طرف آمر الصرف لتخصيص الإعتمادات اللازمة لإنجاز نفقة لا زالت مشروعا، ويعد هذا الإجراء إجباريا . وقد نصت على هذا الإجراء الفصول (88-122- 136- و269 من مجلة المحاسبة العمومية). وقد نظم هذه المادة كذلك الأمر عدد 2878 لسنة 2012 المؤرخ في 19 نوفمبر 2012 . ولابد من الإشارة إلى أن نفقات البلديات مراكز الولايات والبلديات التي تعادل أو تتجاوز مواردها الإعتيادية 100أد هي وحدها الخاضعة إلى هذا الإجراء[1] أ ـ طبيعة الرقابة : 1 ـ المبدأ : تمارس الرقابة من قبل مصلحة مراقبة المصاريف على النفقة قبل أن يتم عقدها . بحيث تخضع لها المصاريف وهي ما تزال مشروعا لم تدخل بعد حيز التنفيذ. وإلا كانت غير شرعية (الفصل 88 م م ع ) وتهدف هذه الرقابة إلى جعل النفقة : _ متطابقة مع التشاريع والتراتيب من ذلك : . التثبت من صفة آمر الصرف . أن تكون لها الصبغة الإدارية أي أن تستجيب فعلا لحاجيات الإدارة . إحترام قواعد المنافسة والشفافية. _ متطابقة مع الميزانية من ذلك : . إقرار النفقة من طرف الميزانية أي برصد إعتماد لها . صحة تنزيل النفقة، حتى تكون طبيعتها مطابقة للإعتماد المخصص بالميزانية قصد مراعاة قاعدة " خصوصية الإعتمادات " . التثبت من صحة مقدار النفقة وذلك بمراجعة العناصر التي اعتمدت لتحديد ذلك المقدار ( مكونات الأجور ) . توفر الاعتمادات فعلا أي أنه لم يقع استهلاكها كلها من قبل . عدم التنافي مع السياسات العامة التي أثرت في مناقشة الميزانية مثل سياسة الضغط على النفقات الإستهلاكية (الهاتف والكهرباء...)
2 ـ الإستثناءات : تهدف الاستثناءات إلى تيسير إنجاز النفقات بإعتبار طابعها الخاص، وهي : . المصاريف العارضة (ف88 م م ع 1) التي يصعب تجميعها و لا يمكن توقعها وليست لها صبغة تكرارية، يمكن عقدها على أن يقع إعلام مصلحة مراقبة المصاريف بذلك لاحقا. وهي في حدود : 2.000 د بالنسبة لنفقات المعدات والتصرف الإداري الخاصة بالمجالس الجهوية والبلديات. . مصاريف وكالات الدفوعات (ف 152 م م ع)
3 ـ الإجراءات التبسيطية التي أقرها الأمر عدد 2878 لسنة 2012 : . التعهد الإجمالي L’engagement global يهم أساسا المصاريف المضبوطة مسبقا بشكل دقيق والتي تدعمها مؤيدات واضحة، وهي تهم الأجور وتوابعها، ومصاريف الكراء والتأمين، والمصاريف التي تعقد في نطاق الصفقات المصادق عليها من طرف اللجان المختصة. . التعهد الاحتياطي L’engagement provisionnel يهم بعض المصاريف خارج نطاق الصفقات العمومية ويتم ذلك بمنح التأشيرة من طرف مراقب المصاريف في حدود نصف (1/2) الإعتمادات المفتوحة على أن يقدم آمر الصرف وثائق الاثبات الخاصة بالتعهد الاحتياطي الأول بمناسبة طلبه الثاني. المصاريف المعنية بهذه الطريقة هي أساسا نفقات المعدات والتصرف الإداري ومصاريف التدخل غير المباشر في الميدان الاقتصادي والاجتماعي والثقافي. ب ـ إجراءات الرقابة و التأشيرة : تقوم مراقبة المصاريف العمومية بالتأشير على طلبات التعهد (أو طلبات عقد النفقة) المعروضة عليها إذا لم تكن لها ملاحظات بخصوصها. أما إذا كان لمصلحة المراقبة بعض الاعتراضات فإنها يدونها كتابة على طلب التعهد نفسه وذلك في أجل لا يتجاوز ستة أيام عمل بداية من اليوم الموالي لإيداع الطلب. في حال انقضاء الأجل المذكور ولم تبدي مصلحة المراقبة ملاحظاتها فإن طلب التعهد يصبح قابلا للتنفيذ وكأنه حظي بالمصادقة. إذا رفضت مراقبة المصاريف التأشيرة بالرغم من الإيضاحات التي قدمها آمر الصرف فإن هذا الأخير بإمكانه عرض الأمر على الوزير الأول للبت فيها قبل الشروع في التنفيذ.
الفقرة الثانية: تصفية نفقات الجماعة المحلية Liquidation des Dépenses تهدف عملية التصفية إلى ضبط المقدار النهائي لنفقة ما تمت مسبقا المصادقة على عقدها. على أن هذه العملية لا تتناول فحسب الجانب الحسابي للنفقة بل وأيضا الجانب القانوني حيث أنه من الضروري التثبت من أن الوثائق المقدمة يتبين منها وجود دين قائم الذات بذمة الجماعة المحلية وأن ذلك الدين يمكن المطالبة بتسديده أي أنه لم يسقط الحق فيه. L’opération de liquidation tant à établir la preuve des droits acquis par les créanciers et à mettre à la charge de la collectivité locale le règlement de la dite créance. يتم تحديد المبلغ بعد القيام بعملية حسابية تتمثل في التعبير تعبيرا نقديا عن قيمة العمل المنجز أو المواد المسلمة إلى الإدارة أو الإشغال المقامة لفائدتها. يقوم بهذه العملية الحسابية آمر الصرف إما من تلقاء نفسه أي دون تقديم وثائق إثبات من طرف المستفيد بالنفقة مثل خلاص الأجور والجرايات والمنح والمساعدات، وإما بطلب من صاحب الدين أو بالأحرى بعد تقديم وثائق إثبات من طرفه تتوقف عليها عملية التصفية مثل الفواتير المحررة حسب الطرق القانونية، وفي هذه الحالة يقوم آمر الصرف بالتثبت من صحتها. وتنتهي عملية تصفية النفقة بالتنصيص على المقدار الذي وقع ضبطه تنصيصا بلسان القلم يدون على الوثائق المقدمة لإثبات الصرف إلى جانب شهادة الإنجاز.
الفقرة الثالثة: تحرير أوامر الصرف Ordonnancement des Dépenses يصدر أخيرا آمر الصرف الوثيقة التي يأذن بموجبها للمحاسب بتأدية النفقة وهي الأمر بالصرف وذلك على ضوء ما تم من إثبات لمبلغها. ويعود للآمر بالصرف وحده الإذن بالإنفاق، حيث أنه يمكن مثلا للمحكمة إدانة طرف عمومي ما بدفع مبلغ ضرر لفائدة طرف آخر. فيما لا يمكنها البتة إعطاء الإذن لمحاسب عمومي بدفع المبلغ وذلك باعتبار ما يتميز به آمر الصرف من خصوصيات تتجسم في إصدار أمرا بالصرف مستوفي الشروط . يحرر الأمر بالصرف كتابة أو عن طريق الإعلامية ويحتوي على العناصر التالية : . إسم الجهة الآمرة بالصرف. . إسم وعنوان صاحب الدين الحقيقي. . موضوع النفقة مع الإشارة إلى الوثائق المعللة لها. . تنزيل النفقة على الاعتماد المرسم بالميزانية. . ذكر السنة التي صدر أثناءها الأمر بالصرف والسنة التي يعود لها الدين. . ذكر رقم طلب التعهد الذي صادق عليه مراقب المصاريف. . ذكر المحاسب المختص. . تحديد مقدار النفقة بالأرقام وبلسان القلم. . يجب أن يؤرخ الأمر بالصرف وأن يعطى له رقم وأن يكون ممضى من طرف آمر الصرف. في خصوص مصاريف الموظفين يمكن أن يكون الأمر بالصرف جماعيا. وهذه الطريقة تتمثل في تعويض أوامر الصرف الفردية بأمر واحد بالصرف في شكل قائمة للموظفين المعنيين بها تفصيل جراية كل واحد منهم، ويضبط آمر الصرف مقدار تلك القائمة على غرار ما يقوم به بالنسبة للأمر بالصرف الفردي.
بانتهاء المرحلة الإدارية تنطلق المرحلة المحاسبية للصرف التي يتمكن بفضلها صاحب الدين من تسلم المال الراجع له، على أن تأدية النفقة ليست عملية صندوق فحسب محصورة في دفع قدر من المال بل إنها تتجاوز هذا الإطار الضيق حيث أن المحاسب العمومي مطالب بالقيام بجملة من العمليات الرقابية تمكنه من التثبت من شرعية النفقات التي دعي لتأديتها.
الفصل الثاني : المرحلة المحاسبية لتنفيذ نفقات الجماعة المحلية
|
[1] قرار من الوزير الأول مؤرخ في 12 جانفي 2011 يتعلق بمراقبة مصاريف البلديات الكائنة خارج مراكز الولايات.
- مذكرة عامة محاسبة عمومية عدد 27 مؤرخة في 17 فيفري 2011 حول مراقبة مصاريف البلديات الكائنة خارج مراكز الولايات.