تنفيذ النفقات العمومية

*******

 

مقـــــدمـــة

 

   

خامسا: الأشخاص المؤهلون لتنفيذ النفقات العمومية

تنفذ النفقات العمومية من قبل صنفين من الأعوان العموميين كل منهما مستقل عن الآخر وأوكل المشرع لكل منهما دور محدد و مختلف عن الآخر في مجال تنفيذ الميزانية قبضا و صرفا، و هما أمرو  القبض و الصرف  و المحاسبون العموميون .

        مبدأ التفريق بين مهام آمر القبض و الصرف و المحاسب : أقرت مجلة المحاسبة العمومية في فصلها الخامس مبدأ هاما يتم بمقتضاه منع الجمع بين وظيفتي آمر قبض وصرف ومحاسب عمومي لدى نفس الشخص كما أنه لا يجوز لزوجين تقاسم الوظيفتين بمؤسسة واحدة.

و يهدف هذا المبدأ إلى الحرص الشديد على حماية الأموال العمومية وضمان الشفافية اللازمة عند إنجاز العمليات المالية الخاصة بالهياكل العمومية و بالتالي ضمان أقصى حد ممكن من حسن التصرف فيها.

كما أن الفصل بين المهام يمكّن من إجراء رقابة متبادلة بين الطرفين ، فالمحاسب  يتثبت من مشروعية العمليات المنجزة من طرف الآمر بالقبض و الصرف قبل خلاص النفقات أو إستخلاص الموارد ، أما المحاسب فلا يمكنه تنفيذ الموارد و النفقات إلا بعد صدور إذن من آمر القبض والصرف كما يعتبر التأشير على الحسابات السنوية من  قبل آمر القبض و الصرف ، بالنسبة للمؤسسات العمومية و الجماعات المحلية ، فرصة  لمراقبة صحة عمليات المحاسب .

وتم تعزيز مبدأ التفريق بين آمر القبض و الصرف و المحاسب بقاعدة عدم إنتمائهما إلى سلم إداري واحد وبالتالي عدم خضوع المحاسب للسلطة الإدارية لآمر الصرف ، حيث أن المحاسبين يخضعون مباشرة لسلطة وزير المالية دون سواه[1][1].

         التعريف بآمري القبض و الصرف : آمر القبض و الصرف هو الشخص الذي خول له القانون الصلاحيات اللازمة لإنجاز عمليات الميزانية ، فهو مكلف ببعث عمليات القبض و الصرف و الإذن بها .

و آمرو القبض و الصرف صنفان أولون ومساعدون[2][2] :

- آمرو القبض و الصرف الأولون  Les ordonnateurs principaux  هم :

   . رئيس مجلس النواب و رئيس مجلس المستشارين.

   . الوزراء.

   . رؤساء المجالس الجهوية والبلدية.

   . مديرو المؤسسات العمومية.

- آمرو القبض و الصرف المساعدون : Les ordonnateurs secondaires : هم مكلفون من طرف آمري الصرف الأولين بتنفيذ جزء من النفقات الأصلية الموضوعة على ذمتهم ، مثل المديرين الجهويين التابعين لمختلف الوزارات وآمري الصرف المساعدين بالمؤسسات العمومية التي لها فروع [3][3]. مثل المراكز الجهوية للإعلامية الموجهة للطفل و دور الشباب.

    و تجدر الإشارة في هذا الصدد إلى وجود فرق بين تفويض الإعتمادات إلى آمر صرف مساعد، وتفويض الإمضاء بمعنى النيابة عن آمر الصرف الأول في إمضاء أذون الصرف الخاصة بالإعتمادات المركزية و هو ما سيتم بيانه لاحقا.

التعريف بالمحاسبين العموميين : المحاسبون العموميون موظفون يتم تعيينهم من طرف وزير المالية وهم مكلفون بالقيام بعدد من العمليات المختلفة حددها القانون[4][4].

وهؤلاء المحاسبون هم:

- أمين المال العام للبلاد التونسية .

- الأمين العام للمصاريف .

- أمناء المصاريف بالوزارات .

- أمناء المال الجهويون للمالية .

- قباض المالية .

- قباض الديوانة .

- المحاسبون بالمراكز الدبلوماسية والقنصلية بالخارج.

- حافظ مستودع الطابع الجبائي .

- المحاسب المركزي لأملاك الدولة الخاصة.

- محاسبي المؤسسات العمومية.

و تتمثل وظائف المحاسبين أساسا في:

    * مسك الأموال و خزنها مما يترتب عنه مسؤولية حماية الأموال .

    * الرقابة على مشروعية أوامر القبض و الصرف الصادرة عن آمري   الصرف .

    * تنفيذ أوامر القبض و الصرف.

    * مسك الحسابات و تقديمها إلى السلطات المختصة .

و على غرار أمري القبض و الصرف فان المحاسبين العموميين إما أولين أو ثاويين (مساعدين)[5][5].

- المحاسب الأول هو الذي يقدم حساباته رأسا لدائرة المحاسبات وله كامل الصلاحيات في الشؤون الحسابية و هو يتبنى عمليات المحاسبين المساعدين، في حال وجودهم ، ويدرجها بحساباته و يصبح مسؤولا عنها أمام الدائرة زيادة عن العمليات التي يقوم بها هو مباشرة [6][6].

- المحاسب الثانوي (المساعد) هو الذي يخضع لسلطة المحاسب الأول الراجع إليه بالنظر وهو مسؤول أمامه عن العمليات التي يقوم بها لحسابه ، و عليه فان المحاسب العمومي المساعد لا يخضع مباشرة لقضاء دائرة المحاسبات .

        مثلا : القابض البلدي بتونس المكتب الأول يعتبر، زيادة على كونه قابض من قباض الدولة، محاسبا أولا بالنسبة للتنفيذ المحاسبي لميزانية بلدية تونس ويخضع لسلطته عند القيام بهذا الدور عدد من المحاسبين المساعدين ، حيث يتولى تبني كافة العمليات التي يقومون بها لفائدته ويدمجها بحساباته وهو وحده الذي يعد الحساب المالي السنوي الخاص بالبلدية المذكورة الذي يحال لدائرة المحاسبات .  

كما أنه يمكن للمحاسبين العموميين أن يفوضوا سلطاتهم إلى مفوضين يعملون باسمهم وتحت مسؤولياتهم.

هذا و إن كل من آمر القبض والصرف والمحاسب مسؤول عن الأعمال التي يقوم بها بمناسبة أدائه لدوره في مجال تنفيذ مختلف الميزانيات[7][7] وقد وقع التشديد على هذه المسألة نظرا لخطورة التصرف في المال العام ومن نتائج هذه المسؤولية بالنسبة لآمر الصرف العرض على دائرة الزجر المالي عند ارتكابه خطأ من أخطاء التصرف وبالنسبة للمحاسب تعمير ذمته من طرف دائرة المحاسبات بالمبالغ التي كان سببا في صرفها على وجه الخطأ.

بقي أن نشير إلى أنه ما يميز تنفيذ النفقات العمومية كذلك هو مبدأ تواتر عمليات الصرف وتقسيمها إلى مراحل مترابطة ومتسلسلة لا يمكن تقديم إحداها عن الأخرى وتعرف إجمالا بالمرحلة الإدارية لتنفيذ النفقات والمرحلة المحاسبية ، مع وجود بعض الاستثناءات لهذا المبدأ.

 على أساس هذه المقدمة ستنقسم دراستنا لموضوع تنفيذ النفقات العمومية إلى ثلاث محاور:

المحور الأول : المرحلة الإدارية لتنفيذ النفقات العمومية.

المحور الثاني: المرحلة المحاسبية لتنفيذ النفقات العمومية.

المحور الثالث : الإجراءات الإستثنائية لتنفيذ النفقات العمومية.

 

 



[1][1]  الفصل 11 من مجلة المحاسبة العمومية.

[2][2]  الفصل 6 من مجلة المحاسبة العمومية.

[3][3] - الفصل 238 من مجلة المحاسبة العمومية .

  -  تعليمات عامة عدد 3 مؤرخة في 1 أفريل 1991 حول إحداث خطـــة آمري صرف مساعدين ومحاسبين مركزيين ومحاسبين جهويين خاصين بالمؤسسات العمومية.

[4][4] الفصل 10 من مجلة المحاسبة العمومية.

[5][5] الفصل 13 من مجلة المحاسبة العمومية.

[6][6] يراجع في هذا الشأن الأمر عدد 219 لسنة 1971 المؤرّخ في 29 ماي 1971 المتعلّق بتعيين المحتسبين الخاضعة حساباتهم لقضاء دائرة المحاسبات والمنقّح بالأمر 820 المؤرّخ في 22 أوت 1986.

[7][7] الفصل 8 من مجلة المحاسبة العمومية بالنسبة لآمري الصرف و الفصل 15 من نفس المجلة بالنسبة للمحاسبين العموميين.